الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **
{حذذ} * في حديث عليّ رضي اللّه عنه <اصول بِيَدٍ حَذَّاءَ> أي قَصِيرة لا تَمْتَدُّ إلى ما أريدُ. ويُروى بالجيم، من الجَذّ: القَطْع. كنَى بذلك عن قصور أصحابه وتَقاعُدهم عن الغَزْو. وكأنَّها بالجيم أشْبَه.[ه] وفي حديث عُتبة بن غَزْوان <إنّ الدنيا قد آذنَتْ بصَرْم ووَلَّتْ حَذَّاءَ> أي خَفيفة سريعة. ومنه قِيل للْقَطاةِ حَذَّاء. {حذف} [ه] في حديث الصلاة <لا تَتَخلَّلُكم الشياطين كأنها بناتُ حَذَف> وفي رواية <كأولاد الحَذَف> هي الغنم الصِّغار الحِجازيَّة، واحِدتُها حَذَفة بالتحريك. وقيل: هي صِغارٌ جُرْدٌ ليس لها آذان ولا أذْنابٌ، يُجَاءُ بها من جُرَشِ اليمن. (س) وفيه <حَذْف السلام في الصلاة سُنَّة> هو تخفيفه وتَرْك الإطالة فيه. ويَدُّل عليه حديث النَّخَعي <التكبير جَزْم، والسلام جَزْم> فإنه إذا جَزَم السَّلام وقَطَعَه فقد خَفَّفَه وحَذَفه. (س) وفي حديث عَرْفَجَة <فتَناول السَّيف فَحذَفه به> أي ضَرَبَه به عن جانِب. والحَذْف يُسْتَعْمل في الرَّمي والضرب معاً. {حذفر} * فيه <فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحَذافيرها> الحذافير: الجَوانِبُ. وقيل الأعالي، واحِدها حِذْفار، وقيل حُذْفُورٌ: أي فكأنما أُعْطي الدنيا بأسْرِها. ومنه حديث المَبْعث <فإذا نحن بالحيِّ قد جاءوا بحذافيرهم> أي جميعهم. {حذق} * فيه <أنه خرج على صَعْدَة يَتْبَعها حُذاقِيٌّ> الحُذاقِيُّ: الجَحْشُ. والصَّعْدة: الأتانُ. وفي حديث زيد بن ثابت <فما مرّ بي نِصف شهر حتى حَذَقتُه> أي عرفته وأتْقَنْتُه. {حذل} (س ه) فيه <مَن دَخَل حائطا فلْيأكل منه غيرَ آخذٍ في حَذْله شيئاً> الحَذْل بالفتح والضم: حُجْزَة الإزارِ والقَميص وطَرَفُه. ومنه الحديث <هاتي حَذْلك فجعل فيه المالَ>. {حذم} [ه] في حديث عمر رضي اللّه عنه <إذا أقَمْتَ فاحْذِم> الحَذْم: الإسراع، يريد عَجَّل إقامة الصلاة ولا تُطَوِّلها كالأذان. وأصلُ الحَذْم في المشي: الإسراع فيه. هكذا ذكره الهرَوِي في الحاء المهملة. وذكره الزمخشري في الخاء المعجمة (الذي في الفائق 1/478 بالحاء المهملة)، وسيَجِيء.{حذن} (ه) فيه <من دَخَل حَائطا فَلْيَأكل منه آخِذٍ في حُذْنِه شيئاً> هكذا جاء في رواية، وهو مثْل الْحَذل بالام لَطرَف الإِزار. وقد تقدّم. {حذا} [ه] فيه <فأخَذَ قَبْضَة من تُراب فَحذا بِهَا في وُجُوه المشركين> أي حَثَا، على الإبْدال، أو هُما لغتان. وفيه <لَتَرْكَبُّنَّ سَنَن من كان قَبْلَكم حذْوَ النَّعْل بالنعْل> أي تَعْمَلون مثل أعمالِهم كما تُقْطَع إحدَى النَّعلَين على قَدْر النَّعل الأخرى. والحَذْوُ: التَّقدِير والقَطْع. [ه] ومنه حديث الإسْراء <يَعْمِدُون إلى عُرْض جَنْب أحَدِهِم فيَحْذُون منه الحُذْوَة من اللَّحْم> أي يَقْطَعُون منْه القِطْعَة. وفي حديث ضَالَّة الإبل <معَها حِذَاؤها وسِقَاؤها> الحِذَاء بالمَدِّ: النَّعْل، أرادَ أنها تَقْوَى على المشْي وقَطْع الأرض، وعلى قَصْد الْميَاه وَوُرودِها ورَعْي الشَّجَر، والامْتِناع عن السِّبَاع المُفْتَرِسَة، شَبَّههَا بِمَن كان معَه حِذَاء وسِقَاء في سَفَره. وهكذا ما كان في مَعْنَى الإبلِ من الخَيْل والبقَر والحَمِير. (س) ومنه حديث ابن جُرَيج <قلت لابن عُمر: رأيتُك تَحْتَذِي السّبْت> أي تَجْعَله نَعْلك، احْتَذَى يَحْتَذِي إذا انْتَعَل. ومنه حديث أبي هريرة يَصِف جعْفَر بن ابي طالب <خَيْر مَن احْتَذَى النِّعَال>. (ه) وفي حديث مَسّ الذَّكَر <إنما هُو حِذْيَة مِنْك> أي قِطْعَة. قيل هي بِالكَسْر: ما قُطع من اللَّحْم طُولا. ومنه الحديث <إنما فاطمةُ حِذْيَةٌ منِّي يَقْبِضُني ما يَقْبضُها>. وفي حديث جَهَازِها <أحَدُ فِرَاشَيْهَا مَحْشُوٌّ بِحُذْوَة الحَذَّائِين> الحُذْوة والحُذَاوَة: ما يسقط من الجُلُود حِين تُبْشَر وتُقْطَع مِمَّا يُرْمى به وينْفَى. والحَذَّائِين جَمْع حذَّاء، وهو صَانِع النِّعَال. (س) وفي حديث نوف <إنّ الهُدهُد ذهب إلى خازِن البَحْر، فاسْتَعار منه الحِذْيَة، فَجاء بِها فألْقَاها على الزُّجَاجَة فَفَلَقَها> قيل هي الْمَاس الذي يَحْذِي الحجَارة: أي يَقْطاعها، ويُثْقَب به الجوهرُ. (ه) وفيه <مَثَل الجَلِيس الصَّالح مَثَلُ الدَّارِيّ إن لَمْ يُحْذِك من عطْره عَلِقَك من رِيحِه> أي إن لم يُعْطك. يقال: أحْذَيْته أُحْذِيه إحْذَاء، وهي الحُذْيَا والحَذِيَّة. ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى ويُحْذَيْنَ من الغَنِيمة> أي يُعْطَيْن.(س) وفي حديث الهَزْهَاز <قَدِمْت على عمر رضي اللّه عنه بفَتْح، فَلَمّا رجَعْت إلى العَسْكر قالوا: الحُذْيَا، مَا أصَبْتَ من أمير المؤمنين؟ قُلْتُ: الحُذْيَا شَتْمٌ وَسَبٌّ> كأنه قد كان شَتَمه وسَبَّه، فقال: هذا كان عَطاءه إيَّايَ. (س) وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <ذَاتُ عِرْقٍ حَذْوَ قَرْن> الحَذْوُ والحِذَاء. الإزاء والمُقَابِل: أي إنَّها مُحاذِيَتُها. وذَاتُ عِرْق: مِيقات أهْل العِراق. وقَرْن ميقات أهْل نَجْد، ومسَافَتُهما من الحَرَم سَوَاء. {حرب} * في حديث الحديبية <وإلاَّ تَرْكْنَاهُم مَحْرُوبِين> أي مَسْلُوبِين مَنْهُوبِين. الحَرب بالتَّحْريك: نهْبُ مَالِ الإنْسان وتَرْكُه لا شَيء له. (س) ومنه حديث المُغيرة <طَلاَقُها حَريَبة> أي لَهُ مِنْها أوْلاَد إذا طَلَّقَها حُرِبُوا وفُجعُوا بهَا، فكَأنَّهُم قد سُلِبُوا ونُهِبُوا.ومنه الحديث <الحَارِبُ المُشَلِّحُ> أي الغاصِب والنَّاهِب الذي يُعَرِّي الناس ثِيَابَهُم.وفي حديث علي رضي اللّه عنه <أنه كتب إلى ابن عباس: لمّا رأيت العدوّ قد حَرِبَ> أي غَضِبَ. يُقال منه حَرِب يَحْرَبُ حَرَباً بالتَّحْرِيك. ومنه حديث عُيَيْنَة بن حِصْن <حتَّى أدْخِل عَلى نسَائه من الحَرب والحُزْن ما أدْخَل على نِسَائِي>. ومنه حديث الأعشى الحِرْمازِي: *فَخَلَّفَتْني بِنزَاعٍ وحَرَب* أي بخُصُومة وغَضَب. ومنه حديث الدَّيْن <فإنّ آخِرَه حَرَبٌ> ورُوي بالسُّكون: أي النِّزاع. وقد تكرر ذكره في الحديث. ومنه حديث ابن الزبير رضي اللّه عنه عِند إحْرَاقِ أهْل الشَّام الكَعْبة <يُريدُ أن يُحرِّبَهُم> أي يَزيد في غَضَبِهم على ما كان من إحْرَاقِها. وحَرَّبْت الرجُل بالتشديد: إذا حَمْلَته على الغَضَب وعَرَّفْتَه بما يَغْضَب منه. ويُروى بالجيم والهمزة. وقد تقدّم. (ه) وفيه <أنه بَعث عُروة بن مسعود إلى قَومه بالطائف، فأتاهُم ودَخَل مِحْرَاباً لَه، فأشْرَف عليهم عنْد الفَجْر ثم أذَّن للصَّلاة> المحْرابُ: المَوْضع العَالي المُشْرِفُ، وهُو صَدْر المَجْلس أيضاً، ومنه سُمّي محْراب المسْجد، وهو صَدْرُه وأشْرَف مَوْضِع فيه.(ه) ومنه حديث أنس رضي اللّه عنه <أنه كان يَكْره المحَارِيب> أي لم يَكُن يُحِبُّ أن يَجْلِس في صَدْر المجلس ويتَرَفَّع على النَّاس. والمحَارِيبُ: جَمْع مِحْراب. وفي حديث علي رضي اللّه عنه <فابْعَث عليهم رَجُلاً مِحْرَاباً> أي مَعْرُفا بالحَرْب عَارِفاً بِهَا والميم مكسورة، وهو من أبْنيَة المُبَالَغَة، كالمِعْطاء مِن العَطاء. ومنه حديث ابن عباس (في ا: ابن مسعود) <قال في عليّ رضي اللّه عنهم: ما رأيْتُ مِحْرَاباً مثْلَه>. وفي حديث بَدْر <قال المشركون: اخْرُجُوا إلى حَرائِبكم> هكذا جاء في بعض الرّوايَات بالباء الموحَّدة، جمع حَريبَة، وهو مال الرجُل الذي يَقُوم أمْرُه. والمعْرُوف بالثاء المثَلثة. وسيذكر.{حرث} (ه) فيه <احْرُث لدُنْيَاك كأنَّك تَعِيش أبداً، واعملْ لآخِرَتِك كأنك تَمُوت غَداً> أي اعْمَل لدُنْياكَ، فخالَفَ بين اللفْظَيْن. يقال حَرثتُ واحْتَرَثت. والظاهر من مَفْهُوم لفظِ هذا الحديث: أمَّا في الدنيا فَلِلْحثِّ على عِمارتها وبقاء الناس فيها حتى يَسْكُن فيها ويَنْتَفع بها من يَجيء بعدك، كما انْتَفَعْت أنت بعَمَل من كان قبلك وسَكَنْتَ فيما عَمَرَه، فإنّ الإنسان إذا عَلم أنه يَطُول عُمْرُه أحْكَم ما يَعمَلُه وحَرصَ على ما يَكْسِبُه، وأمّا في جانِب الآخرة فإنه حَثٌّ على إخلاص العمل، وحُضُور النّيَّة والقَلْب في العباداتِ والطاعات، والإكْثار منها، فإِنّ من يَعْلم أنه يموت غَداً يُكْثر من عبَادَته ويُخْلِص في طاعتِه. كقوله في الحديث الآخر <صَلِّ صَلاَة مُوَدِّعٍ>. قال بعض أهل العلم: المراد من هذا الحديث غَيْرُ السَّابق إلى الفَهْم من ظاهره؛ لأنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم إنما نَدب إلى الزُّهْد في الدنيا، والتَّقْلِيل منها، ومن الانْهمَاك فيها والاسْتِمتاع بلَذَّاتها، وهو الغالب على أوَامره ونَواهيه فيما يتعلق بالدنيا فكيف يَحُثُّ على عِمارتها والاسْتِكْثار منها، وإنما أراد - واللّه أعلم - أنّ الإنسان إذا عَلِم أنه يعِيش أبداً قَلَّ حِرْصُه. وعَلِم أنّ مَا يُريدُه لَنْ يَفُوتَه تَحْصِيلُه بتَرْك الحِرْص عليه والمُبَادَرة إليه، فإنه يقول: إن فاتَنِي اليَوْم أدْرَكْتُه غَداً، فإِنّي أعيش أبداً، فقال عليه الصلاة والسلام: اعْمَل عَمَل من يَظُنُّ أنه يُخَلَّد فلا يحْرِص في العمل، فيكون حَثًّا لَهُ على الترك والتَّقْلِيل بِطَرِيقَة أنيقة من الإشَارة والتَّنْبيه، ويكون أمْرُه لعَمَل الآخِرة على ظاهره، فيَجْمَع بالأمْرَيْن حَالَة واحدة وهو الزُّهْد والتَّقْلِيل، ولَكِن بلَفْظَيْن مُخْتَلِفَيْن. وقد اختَصَر الأزهري هذا المعْنى فقال: معْناه تقْدِيم أمْرِ الآخِرة وأعْمَالِها حِذَارَ المَوْت بالفَوْت على عَمل الدنيا، وتَأخير أمْر الدنيا كَراهيَة الاشْتِغال بها عن عَمل الآخرة. (ه) وفي حديث عبد اللّه <احْرُثُوا هذا القُرآن> أي فَتِّشُوه وثَوّرُوه. والحَرْث: التَّفْتِيش. (ه) وفيه <أصْدَق الأسْماء الحَارِث> لأنّ الحَارِث هُو الكَاسِبُ، والإنْسان لا يَخْلُو من الكَسْب طَبْعاً واخْتِيَارا. [ه] ومنه حديث بَدْر <اخْرُجُوا إلى مَعايِشكم وحَرائِثكم> أي مَكَاسبكم، وَاحِدُها حرِيثَة. قال الخطّابي: الحرَائث: أنْضَاء الإبِل، وأصْلُه في الخَيْل إذا هُزِلَتْ فاسْتُعِيرَ للإبِل، وإنَّما يقال في الإبل أحْرَفْنَاها بِالْفَاء. يقال نَاقَة حَرْف: أي هَزْيلَة. قال: وقَدْ يُرَاد بالحرَائِث المَكَسِبُ، من الاحْتِراث: الاكْتسَابِ. ويروى <حَرائِبكم> بالحاء والباء الموَّحدة. وقد تقدّم. (س) ومنه قول معاوية <أنه قال لأنصار: ما فعَلَتْ نَواضِحُكم؟ قالوا: حَرَثْنَاهم يوْم بَدْر> أي أهْزَلْنَاها. يقال حرَثْتُ الدَّابَّة وأحْرَثْتُها بمعنى أهْزَلْتَها. وهَذَا يُخَلف قَوْلَ الخطَّابي. وأراد مُعاوية بذكْر نَواضِحِهم تَقْرِيعاً لَهم وتَعْرِيضاً لأنَّهُم كانوا أهلَ زَرْعٍ وسَقْي، فأجَابُوه بمَا أسْكَتَه؟؟ تَعْرِيضاً بقَتْل أشْيَاخِه يَوْم بَدْر. (ه) وفيه <وعليه خَمِيصَة حُرَيْثِيَّة> هكذا جاء في بعض طُرُق البُخاري ومسلم. قيل: هي مَنْسُوبة إلى حُرَيْث: رَجُل من قُضَاعة. والمعروف جَوْنِيَّة. وقد ذكرت في الجيم. {حرج} (ه س) فيه <حَدِّثُوا عن بني اسرائيل ولا حرَج> الحَرَجُ في الأصل: الضِّيقُ، ويَقَع على الإثْم والحرام. وقيل: الحرَج أضْيَق الضِّيق. وقد تكررت في الحديث كثيرا. فمعْنَى قوله: حَدّثوا عن بني اسرائيل ولا حرَج: أي لا بَأسَ ولا إثْم عليكم أن تُحَدّثُوا عَنْهم ما سَمِعْتم وإن اسْتَحال أن يكون في هذه الأمَّة، مثل ما رُوي أنّ ثِيَابَهُم كانت تَطُول، وأنّ النَّار كانت تَنْزل من السماء فَتأكل القُرْبان وغير ذلك؛ لا أنْ يُحدّث عنهم بالكَذب. ويَشْهَد لهذا التَّأويل ما جاء في بعض رواياته <فإنّ فيهم العجائبَ> وقيل: معناه إنّ الحديث عنهم إذا أدَّيْتَه على ما سَمعْتَه حَقًّا كان أو باطلا لم يكن عليك إثْم لِطُول العَهْد وَوُقُوع الفَتْرة، بخلاف الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، لأنه إنما يكون بَعْد العِلم بصحَّة روَايتِه وعَدالَةِ رُوَاتِه. وقيل: معناه إنّ الحديث عنهم ليس على الوُجُوب؛ لأنّ قوله عليه الصلاة والسلام في أوّل الحديث <بَلِّغُوا عَنِّي> على الوُجوب، ثم أتْبَعه بقَوله: وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرَج: أي حَرجَ عليكم إن لم تُحدِّثُوا عنهم. ومن أحاديث الحرَج قوله في قَتْل الحيَّات <فلْيُحَرّج عليها> هو أن يقولَ لها أنْتِ في حرَج: أي ضِيق إنْ عُدْت إليْنا، فلا تَلُومينَا أن نُضَيّقَ عليك بالتَّتَبُّع والطَّرْد والقتل. ومنها حديث اليَتَامى <تَحرَّجُوا أن يأكُلُوا معَهم> أي ضَيَّقُوا على أنْفُسهم. وتَحرّج فُلان إذا فَعل فعْلا يَخْرُج به من الحرَج: الإثْم والضِّيق. (س) ومنه الحديث <اللَّهُم إنّي أُحَرّج حَقَّ الضَّعِفَيْن اليَتيم والْمَرأة> أي أضَيّقُه وأُحرِّمُه على مَن ظَلَمَهُما. يقال: حَرّشج عليَّ ظُلْمَك: أي حَرّمْه. وأحْرَجها بتَطْلِيقه: أي حَرَّمَها. ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما في صلاة الجمعة <كَرِه أن يُحْرجَهُم> أي يُوقعَهم في الحرَج. وأحَاديث الحَرَج كثيرة، وكُلها راجعة إلى هذا المعنى. (س) وفي حديث حنين <حَتَّى تَركُوه في حَرَجَة> الحرجة بالتحريك: مُجْتَمَع شجَر ملْتَفِّ كالغَيْضَة، والجمْع حَرَجٌ وحِرَاجٌ. ومنه حديث معاذ بن عمرو <نَظَرْتُ إلى أبي جَهْل في مثْل الحرَجَة>. والحديث الآخر <إنّ موضع البيْت كان في حرَجَة وعِضَاه>. (س) وفيه <قَدم وفْدُ مَذْحِج على حَراجِيجَ> الحرَاجِيج: جَمْع حُرْجُج وحُرْجُوج، وهي النَّاقة الطوِيلة. وقيل الضَّامِرة. وقيل الحَادَّة القَلْب. {حرحم} [ه] في حديث خزيمة، وذكَر السَّنَة فقال <ترَكَت كذا وكذا، والذِّيخَ مُحْرنْجِماً> أي مُتَقَبِّضاً مُجْتَمعا كالِحاً من شِدّة الجَدْب: أي عمَّ المَحْلُ حتّضى نَالَ السِّبَاع والبَهائم. والذِّيخُ: ذَكرُ الضّبَاع. والنُّون في احْرَنجَم زائدة. يقال حَرْجَمْتُ الإبل فاحْرَنْجَمَتْ: أي رَدَدْتَها فارْتَدَّ بَعْضُها على بعض واجْتَمعت. وفيه <إنّ في بَلَدِنا حَراجِمَةً> أي لُصُوصاً، هكذا جاء في كُتُب بعض المتأخرين، وهو تَصْحيفُ، وإنَّما هو بجيمَيْن، كذا جاء في كُتُب الغريب واللُّغة. وقد تَقَدَّم، إلاَّ أن يكونَ قد أثْبتَها فرَوَاها. {حرد} (س) في حديث صَعْصَعَة <فَرُفِع لي بَيْتٌ حريد> أي مُنْتَبِذٌ مُتَنَحِّ عن الناس، من قولهم تَحَرّدَ الجمَلُ إذا تَنَحَّى عن الإبِل فلم يَبْرُك، فهو حَرِيد فَرِيد. وحَرَدَ الرجل حُرُودا إذا تَحوّل عن قوْمه. (س) وفي حديث الحسن: عَجَّلْتَ قَبْلَ حَنيذهَا بِشِوائها ** وقَطَعْتَ مَحْرِدَها بحُكْمٍ فَاصلِ المَحْرِدُ: المَقْطَع. يقال حَردْتُ من سنَام البَعِير حَرْداً إذا قَطَعْتَ منه قِطعَة. وسيجيء مُبَيَّناً في عَيَا من حرف العين. {حرر} * فيه <من فَعل كذا وكذا فله عِدْلُ مُحَرَّرٍ> أي أجْرُ مُعْتَقٍ. المحَرَّر: الذي جُعِل من العَبيد حُرًّا فأُعْتِق. يقال: حَرَّ العَبْدُ يحر حرَاراً بالفتح: أي صار حُرًّا. ومنه حديث أبي هريرة <فأنَا أبو هريرة المُحَرَّرُ> أي المعْتَق. وفي حديث أبي الدَّرْدَاء <شرَارُكُم الذين لا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهُم> أي أنَّهُم إذا أعَتقُوه اسْتَخْدَمُوه، فإذا أراد فِرَاقَهُم ادَّعَوْا رِقَّه. (س) وفي حديث ابن عمر <أنه قال لمعاوية: حَاجَتي عَطَاء المُحرَّرين، فإني رأيتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا جاءهُ شَيء لم يَبْدَأ بأوّلَ منهم> أرادَ بالمُحرَّرين الموَالِيَ، وذلك أنَّهُم قَوْم لا دِيوان لهم، وإنما يدخلون في جُمْلة موَاليهم، والدّيوَان إنما كان في بني هاشِم، ثم الذين يَلُونَهُم في القَرابَة والسَّابِقَة الإيمان. وكان هؤلاء مُؤخَّرِين في الذِّكْر، فذكرهُم ابنُ عُمر، وتَشَفَّع في تَقْدِيم أعْطيَاتِهم، لمَا عَلم من ضَعْفهم وحاجتهم، وتَألُّفاً لهُم على الإسلام. ومنه حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <أفَمِنْكُم عَوْفٌ الذي يُقال فيه: لا حُرَّ بوَادِي عَوْف؟ قال لاَ> هو عَوْف بن مُحَلِّم بن الشَّيْبَانِي، كان يقال له ذلك لِشَرَفِه وعزِّه، وأنّ من حَلَّ وَادِيه من الناس كان له كالعَبيد والخَوَل. والحُرُّ: أحَدُ الأحرار، والأنْثَى حُرَّة، وجمعُها حرائر. ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <قال للنِّساء اللاَّتي كُنَّ يَخْرُجْن إلى المسْجد: لأرُدَّنكُنّ حرَائرَ> أي لألْزمنَّكُنّ البيوت فلا تخْرُجْن إلى المسجد؛ لأنّ الحجاب إنما ضُرب على الحرائر دون الإماء. (س) وفي حديث الحجَّاج <أنه باعَ مُعْتَقاً في حَرَارِه> الحَرَارُ بالفتح: مصدر، من حَرَّ يَحَرُّ إذا صار حُرًّا. والاسم الحُرّيَّة. وفي قصيد كعب بن زهير: قَنَواءُ في حُرَّتَيْها للبَصير بهَا ** عِتْقٌ مُبين وفي الخَدَّيْن تَسْهيلُ أراد بالحُرَّتَيْن: الأُذُنَيْن، كأنَّه نَسَبَهُما إلى الحُرِّيَّة وكَرِم الأصل. (ه) وفي حديث علي <أنه قال لفَاطمةَ رضي اللّه عنهما: لو أتَيْتِ النبي صلى اللّه عليه وسلم فسألتِه خادِماً يَقِيكِ حَرَّ ما أنتِ فيه من العمل> وفي رواية <حارَّ ما أنتِ فيه> يعني التَّعَب والمَشَقَّة من خِدمة البيت، لأنّ الحرَارة مَقْرونة بهما، كما أنّ البَرْدَ مَقْرُون بالراحة والسُّكون. والحارّ: الشاقُّ المُتْعِبُ. ومنه حديث الحسن بن علي رضي اللّه عنهما <قال لأبيه لَمَّا أمَرَه بجَلْد الوليد بن عُقْبة: وَلِّ حارَّها من تَوَلَّى قارَّها> أي وَلِّ الجَلْدَ مَن يَلْزَم الوَلِيدَ أمْرُه ويَعْنِيه شَأنُه. والقارُّ ضِدُّ الحارِّ. (س) ومنه حديث عُيَيْنة بن حِصْن <حتى أذِيقَ نساءَهُ الحَرِّ مِثْلَ ما أذاقَ نسائِي> يُريد حُرْقةَ القلب من الوَجَعِ والغَيْظِ والمَشَقَّة. (س) ومنه حديث أم المُهاجر <لَمَّا نُعِيَ عُمر قالت: واحَرّاه، فقال الغلام: حَرٌّ انْتَشَرَ فَملأ البَشَر>. (س) وفيه <في كلِّ كَبِدٍ حَرَّى أجْرٌ> الحَرَّى: فَعْلَى مِن الحَرِّ، وهي تأنيثُ حَرّانَ، وهُما لِلمبالغة، يُريد أنَّها لِشِدّة حَرِّها قد عطِشَتْ ويبِسَتْ من العطش. والمعنى أنّ في سَقْي كلِّ ذي كَبِد حَرَّى أجْراً. وقيل: أرادَ بالكَبد الحَرَّى حَياة صاحِبها، لأنه إنما تكون كبِدُه حَرَّى إذا كان فيه حَياةٌ، يعني في سَقْي كلِّ ذِي رُوح مِن الحَيَوان. ويَشْهَد له ما جاء في الحديث الآخَرِ <في كل كَبِد حارَّةٍ أجْرٌ>. (س) والحديث الآخر <ما دَخَل جَوْفِي ما يَدْخُل جَوْفَ حَرّانِ كَبِدٍ> وما جاء في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أنه نَهَى مُضَارِبَه أن يَشْتَرِي بمالِه ذا كَبِدٍ رَطْبة>. (س) وفي حديث آخر <في كلِّ كَبِدٍ حَرَّى رَطْبَةٍ أجْرٌ> وفي هذه الرواية ضَعْفٌ. فأمَّا معنَى رَطْبَة فقيل: إنّ الكَبِد إذا ظَمِئَتْ تَرَطَّبَتْ. وكذا إذا أُلْقِيَتْ على النار. وقيل كَنَى بالرُّطُوبة عن الحيَاة، فإن المَيِّتَ يابسُ الكَبِد. وقيل وَصَفَها بما يَؤُول أمرُها إليه. (ه) وفي حديث عمر رضي اللّه عنه وجَمْعِ القرآنِ <إنّ القَتْلَ قد اسْتَحَرَّ يوم اليَمامة بِقُرّاء القرآن> أي اشتَدّ وكَثُر، وهو اسْتَفْعَل من الحَرّش: الشِّدَّة. ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <حَمِسَ الوغَا واسْتَحَرَّ المَوْتُ>. (ه) وفي حديث صِفِّين <إنّ معاوية زاد أصحابَه في بعض أيام صِفِّين خَمْسَمائة خَمْسَمائة، فلما الْتقَوْا جَعَل أصحابُ عليٍّ يقولون: لا خَمْسَ إلاّ جَنْدَلُ الإحَرِّين> هكذا رواه الهَروي. والذي ذكره الخطّابي: أنّ حَبَّة العُرَنِي قال: شَهِدْنا مع علي يوم الجَمَل، فَقَسم ما في العَسْكَر بَيْنَنا، فاصابَ كلّ رَجُل منَّا خَمْسمائة. فقال بعضُهم يَوم صِفِّين:قُلْتُ لِنَفْسي السُّوءِ لا تَفِرّينْ ** لا خَمْسَ إلاّ جَنْدَلُ الإحَرِّينْ قال ورواه بعضهم: لا خِمس، بكسر الخاء، من وِرد الإبِل، والفتح أشْبَه بالحديث. ومعناه: ليس لك اليوم إلا الحِجارةُ والخَيْبة. والإحَرِّين: جَمْع الحَرَّة، وهي الأرض ذاتُ الحِجارة السُّود، وتُجْمَع على حَرّ، وحِرَارٍ، وحَرّاتٍ، وحَرِّينَ، وإحَرِّين، وهو من الجُموع النادرة كَثُبِين وقُلِين، في جَمْع ثُبَة وقُلَة، وزيادة الهمز في أوّله بمنزلة الحركة في أرَضِين، وتَغْيِير أوّل سنين. وقيل: إنّ واحِد إحَرِّين: إحَرَّة (في اللسان: قال ثعلب: إنما هو الْأَحَرِّين، جاء به على أحر، كأنه أراد هذا الموضع الأحر، أي الذي هو أحر من غيره. فصيره كالأكرمين والأرحمين). وفي حديث جابر رضي اللّه عنه <فكانت زيادة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم معي لا تُفَارِقُني حتى ذهَبَتْ منِّي يَوْم الحَرَّة> قد تكرّر ذكْر الحَرَّة ويَوْمِها في الحديث، وهو يَوم مشْهور في الإسلام أيام يَزيدَ بن مُعاوية، لما انْتَهَبَ المدينةَ عَسكُره من أهل الشام الذين نَدَبَهُم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين، وأمَّرَ عليهم مُسْلم بنَ عُقْبَة المُرِّي في ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وعَقِيبَها هلَك يزيد. والحرّة هذه: أرضٌ بظاهر المدينة بها حجَارة سُودٌ كثيرة، وكانت الوقعة بها. (س) وفيه <إنّ رجُلا لطَم وجْه جارية، فقال له: أعَجزَ عليك إلاّ حُرّ وجْهها> حُرُّ الوجه: ما أقْبَل عليك وبدَا لك منه. وحُرُّ كل أرضٍ ودارٍ: وسَطُها وأطْيَبُها. وحُرُّ البَقْل والفاكهة والطّين: جَيّدُها. [ه] ومنه الحديث <ما رأيت أشْبَه برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الحسَن، إلا أنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم كان أحَرَّ حُسْناً منه> يَعْني أرَقَّ منه رِقَّةَ حُسْن. (ه) وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <ذُرِّي وأنا أحِرُّ لَك> يقول ذُرّي الدّضقيق لأتَّخِذ لّكِ منه حريرة. والحريرة: الحَسَا المطبوخ من الدَّقيق والدَّسَم والْمَاء وقد تكرر ذكر الحريرة في أحاديث الأطْعمَة والأدْوية. وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <وقد سُئلَتْ عن قضاء صلاة الحائض فقالت: أحَرُوريَّة أنْت> الحَرُورية: طائفة من الخوارج نُسِبوا إلى حَرُورَاء بالمدِّ والقصْر، وهو موضع قريب من الكوفة، كان أوّل مُجْتَمَعَهم وتحكيمهم فيها، وهم أحَدُ الخوارج الذين قاتَلهم عليٌّ كرم اللّه وجهه. وكان عندهم من التَّشَدد في الدين ما هو معروف، فلما رأت عائشة هذه المرأة تُشَدّد في أمْرِ الحَيضِ شبَّهتْها بالحرُوريَّة وتَشَدُّدِهم في أمْرهم، وكَثْرة مسائلهم وتَعنُّتِهم بها. وقيل أرَادت أنها خَالَفَت السُّنَّة وخرجت عن الجماعة كما خَرجُوا عن جماعة المسلمين. وقد تكرر ذِكر الحرُورِية في الحديث. (س) وفي حديث أشراط الساعة <يُستَحلُّ الحِرُ والحرِيرُ> هكذا ذكره أبو موسى في حرف الحاء والراء، وقال: الحِرُ بتَخْفِيف الراء: الفَرْجُ، وأصله حِرْحٌ بكسر الحاء وسكون الراء، وجمعه أحْرَاحٌ. ومنهم من يَشَدّد الراء وليس بجَيّد، فعَلى التخفيف يكون في حَرَح، لا في حرر. والمشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طُرُقه <يَسْتَحِلُّون الخَزَّ> بالخاء المعجمة والزَّاي، وهو ضِرْب من ثياب الإبْرَيسم معروف، وكذا جاء في كتابي البخاري وأبي دَاودَ، ولعلَّه حديث آخر ذكره أبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشرح، فلا يُتَّهَم. واللّه أعلم. {حرز} * في حديث يأجوج ومأجوج <فحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّور> أي ضُمَّهُم إليه، واجعله لهم حِرْزا. يقال: أحْرَزْتُ الشيء أحْرزُه إحْرازا إذا حَفظْتَه وضَمَمْته إليك وصُنْتَه عن الأخْذ. ومنه حديث الدعاء <اللهم اجْعَلنا في حِرْزٍ حَارِزٍ> أي كهْف مَنِيع. وهذا كما يقال: شِعْرٌ شَاعِرٌ، فأجْرَى اسْمَ الفاعل صفة للشّعر، وهو لقائله، والقياسُ أن يقول حِرْزٌ مُحْرِزٌ، أو حرْزٌ حَرِيزٌ، لأن الفعْل منه أحْرَزَ، ولكن كذا روي، ولعله لُغة. (ه) ومنه حديث الصدِّيق <أنه كان يُوتر من أوّل الليل ويقول: *واحَرزَا وأبْتَغِي النَّوافِلاَ* ويروى <أحْرَزْتُ نَهْبي وأبْتَغي النَّوافل> يُريد أنه قضَى وِتْرَه، وأمنَ فَواتَه، وأحْرَزَ أجْرَه، فإن اسْتَيْقَظَ من الليل تَنَفَّل، وإلا فقد خَرج من عُهْده الوْتْر. والحرَزُ بفتح الراء: المُحْرَز، فَعَلٌ بمعنى مُفْعَل، والألف في وَاحَرزَا مُنْقلبة عن ياء الإضافة، كقولهم يا غلامَا أقْبِل، في يا غلامي، والنَّوَافِل: الزَّوائد. وهذا مَثَل للعرب يُضْرب لِمنْ ظَفِرَ بمطْلُوبه وأحْرَزه ثم طَلَب الزيادة. (ه) وفي حديث الزكاة <لا تأخُذُوا من حَرَزَات أموالِ الناس شيئاً> أي من خِيارِها. هكذا يُروى بتقديم الراء على الزاي، وهو جمْع حِرْزة بسكون الراء، وهي خيار المال؛ لأنَّ صاحبَها يُحْرِزها ويَصُونها. والرّواية المشهورة بتقديم الزَّاي على الراء، وسَنَذكُرها في بابها.{حرس} (ه) فيه <لا قَطْعَ في حَريسة الجبل> أي ليس فيما يُحْرَس بالجبل إذا سُرق قَطْع؛ لأنه ليس بحرْز. والحَريسة فَعيلة بمعنى مفعولة: أي أنَّ لها مَن يَحْرُسها ويَحْفَظُها. ومنهم من يجْعل الحَرِيسة السَّرقة نَفْسها: يقال حَرَس يَحْرِس حَرْساً إذا سَرق، فهو حارس ومُحْترِس: أي ليس فيما يُسْرَق من الجبل قَطْع. ومنه الحديث <أنه سُئل عن حَرِيسة الجَبل فقال فيها غُرْم مِثْلِها وجَلدات نَكالا، فإذا أوَاها المُرَاح فَفيها القَطْع> ويُقال للشَّاة الَّتي يُدْرِكُها الليل قبل أن تَصِلَ إلى مُرَاحِها: حَريسة. وفلان يأكل الحَرسات: إذا سرق أغْنام الناس وأكلها. والاحْتراس: أن يَسْرِق الشيء من المَرْعى. قاله شَمِر. (ه) ومنه الحديث <أن غِلْمةً لِحَاطِب احْتَرسُوا ناقَةً لرجُل فانْتَحرُوها>. وفي حديث أبي هريرة <ثمن الحَرِيسة حَرامٌ لِعَيْنها> أي أنَّ أكلَ المَسْرُوقة وبَيْعها وأخْذَ ثمنِها حرام كلُّه. وفي حديث معاوية <أنه تَناول قُصَّة من شَعر كانت في يد حَرَسيٍّ> الحَرَسيُّ بفَتْح الراء: واحِدُ الحرَس، وهم خَدَم السلطان المُرتِّبون لحِفْظه وحِراسَتِه. والحرَسيُّ واحِدُ الحرَس، كأنه منسوب إليه حيْث قد صار اسْمَ جِنس. ويجوز أن يكون منسوبا إلى الجَمْع شاذًّا. {حرش} (س) فيه <أنَّ رجُلا أتاه بضِبَاب احْتَرشها> الاحْتِراش والحَرْش: أن تُهيّجَ الضَّبُّ من جُحْره، بأنْ تَضْربه بخَشَبة أو غيرها من خارِجِه فَيَخْرج ذَنَبه ويَقْرُب من باب الجُحْر يَحْسب أنه أفْعَى، فحينئذ يُهْدَم عليه جُحْره ويُؤْخذ. والاحْتراش في الأصل: الجمع والكَسْب والخِداع. (ه) ومنه حديث أبي حَثْمةَ في صِفَة التمر <وتُحْترش به الضِّباب> أي تُصْطَاد. يقال إن الضَّبَّ يُعْجَب بالتمر فَيُحِبُّه. [ه] ومنه حديث المِسْور <ما رأيت رجُلا يَنْفِر من الحرْش مِثْلَه> يعني معاوية، يريد بالحَرش الخَدِيعة. (س) وفيه <أنه نهى عن التَّحْريش بين البهائِم> هو الإغراء وتَهْييجُ بعضها على بعضٍ كما يُفْعل بين الجمال والكِبَاش والدُّيوك وغيرها. (س) ومنه الحديث <إن الشيطان قد يئس أن يُعْبَد في جزيرة العرب ولكن في التَّحْرِيش بينهم> أي في حَمْلهم على الفتن والحرُوب. ومنه حديث عليّ في الحج <فذهَبْت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مُحَرّشاً على فاطمة> أراد بالتَّحْريش ها هنا ذكر ما يُوجب عتابَه لها. وفيه <أنّ رجُلا أخذ من رجُل آخر دنَانِيرَ حُرْشاً> جمْع أحْرَش: وهو كلّ شيء خَشِن: أراد بها أنَّها جَديدة عليها خُشُونة النَّقْش (في حديث أبي الموالي <فأنت جارية فأقبلت وأدبرت وإني لأسمع بين فخذيها من لففها مثل فشيش الحرايش> الحرايش جنس من الحيات واحدها حريش>. ذكر بهامش الأصل. وانظره في مادة ف ش ش من هذا الكتاب). {حرشف} (س) في حديث غزوة حُنين <أرَى كتيبةَ حَرْشَفٍ> الحَرْشَفُ: الرَّجَّالة شُبِّهُوا بالحَرشف من الجَراد وهو أشَدُّه أكْلاً. يقال مَا ثَمًّ غير حَرْشَفِ رجال: أي ضُعفَاء وشُيوخ. وصِغار كلّ شيء حَرْشَفُه. {حرص} (ه) في ذكر الشِّجَاج <الحارِصَة> وهي التي تحرِصُ الجلد أي تَشُقُّه. يقال: حَرَصَ القَصَّار الثَّوْب إذا شَقَّه. {حرض} (س) فيه <ما منْ مُؤمن يَمْرَض مَرَضاً حتى يُحْرِضه> أي يُدْنِفَه ويُسْقِمَه. يقال: أحْرَضه المرضُ فهو حَرِضٌ وحَارِض: إذا أفْسَد بَدَنَه وأشفى على الهلاك. (ه) وفي حديث عَوْف بن مالك <رأيت مُحَلِّم بن جَثَّامة في المنام، فقُلت: كيف أنْتم؟ فقال بخير، وجَدْنا رَبًّا رحيما غَفَر لنا، فَقُلْت: لكلِّكُم؟ فقال: لِكُلِّنا غَيْر الأحْرَاض، قلت: ومن الأحراض؟ قال: الذين يُشار إليهم بالأصابع> أي اشْتَهروا بالشَّرّ. وقيل: هم الذين أسْرفوا في الذنوب فأهْلَكوا أنفسَهم. وقيل: أراد الذين فسَدَت مذاهبُهم. (ه) وفي حديث عطاء في ذِكْر الصَّدَقة <كذا وكذا والإحْرِيضُ> قيل هو العُصْفُر. وفيه ذكر <الحُرُضِ> بضمَّتَين وهو وَادٍ عند أحُدٍ. وفيه ذكر <حُرَاض> بضم الحاء وتخفيف الراء: مَوضِع قربَ مكَّة. قيل كانت به العُزَّى. {حرف} (ه) فيه <نَزل القُرآن على سَبْعة أحْرُف كُلُّها كَافٍ شَافٍ> أراد بالحرف اللُّغَة، يعني على سَبْع لُغات من لُغات العَرب: أي إِنها مُفَرّقة في القرآن، فبَعضُه بلغة قُرَيش، وبعضُه بلُغة هُذَيْل، وبعضه بلغة هَوازن، وبعضُه بلُغة اليَمن، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سَبْعة أوْجُه، عَلَى أنه قد جاء في القرآن ما قد قُرِئ بسَبْعةٍ وعَشْرة، كقوله تعالى <مالكِ يوم الدِّين> و <عَبدَ الطاغُوتَ> ومِمَّا يبَيَن ذلك قولُ ابن مسعود: إنِّي قد سمعتُ القَرَأَةَ فوجَدْتُهم مُتَقارِبين، فاقْرَأوا كما عُلِّمْتم، إنّما هو كقول أحَدِكُم: هَلُمَّ وتَعَالَ وأقْبِل. وفيه أقول غير ذلك هذا أحْسَنُها. والحَرْف في الأصل: الطَّرَف والجانِب، وسُمِّي الحَرْف من حروف الهِجَاء. [ه] ومنه حديث ابن عباس <أهْل الكِتاب لا يَأتون النِّساء إلاَّ عَلى حَرْف> أي على جانِب. وقد تكرر مثلُه في الحديث. وفي قصيد كعب بن زهير: حَرْفٌ أبُوها أخُوها مِن مُهَجَّنَةٍ ** وعَمُّها خَالُها قَوْداءُ شِمْلِيلُ الحَرْف: الناقة الضَّامِرَة، شُبّهت بالحرف من حروف الهِجاء لدِقّتِها. (ه) وفي حديث عائشة <لمَّا اسْتُخْلِف أبو بكر قال: لقد عَلِم قَوْمي أنَّ حِرْفَتِي لم تكُن تَعْجِز عن مَؤُونَة أهلي، وشُغِلْت بأمر المسلمين فسَيَأكُل آلُ أبي بكر من هذا ويَحْتَرِف للمُسْلمين فيه> الحِرْفة: الصِّناعة وجهَة الكَسْب. وحَرِيف الرجُل: مُعامِلُه في حرْفَته، وأراد باحْتِرَافِه للمسلمين نَظَرَه في أمورهم وتَثْمِير مكاسِبِهم وأرْزاقِهم. يقال: هو يَحتَرِف لِعيالِه، ويَحْرُف: أي يكْتَسب. (س) ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <لَحِرْفَة أَحدِكم أشَدُّ عليَّ من عَيْلَتِه> أي أنَّ إغْناء الفقير وكِفايَتَه أيْسَر عَليَّ من إصلاح الفاسِد. وقيل: أراد لَعَدَمُ حِرْفَة أحَدهم والاغْتِمَامُ لذلك أشَدُّ عليَّ من فَقْرِه. ومنه حديثه الآخر <إني لأرى الرجُل يُعْجبُني فأقول هل له حرْفَة؟ فإنْ قالوا لاَ سَقَط من عَيْني> وقيل معنى الحديث الأوّل هو أن يكون من الحُرْفَة بالضَّم والكسر، ومنه قولهم: حرْفَة الأدب. والمُحارَف بفتح الراء: هو المحْرُوم المجْدُود الذي إذا طَلَب لا يُرْزَق، أو يكُون لا يَسْعَى في الكَسْب. وقد حُورِف كسْب فُلان إذا شُدِّدَ عليه في معاشه وضُيِّق، كأنه مِيلَ برزْقِه عنه، من الانْحِراف عن الشيء وهو المَيْل عنه. ومنه الحديث <سَلّط عليهم موت طاعُون ذَفيف يُحَرّف القلوب> أي يُميلُها ويَجْعَلها على حَرْف: أي جانب وطَرَف. ويروى يُحوّف بالواو وسيجيء. ومنه الحديث <ووصَفَ سفيانُ بكَفِّه فحرّفَهَا> أي أمَالَها.والحديث الآخر <وقال بيده فَحرَّفَهَا> كأنه يريد القَتْل. ووَصَف بها قَطْع السَّيف بِحَدِّه. [ه] ومنه حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <آمَنت بمُحرِّف القلوب> أي مُزِيغِها ومُمِيلِها، وهو اللّه تعالى. ورُوِي <بمُحرِّك القلوب>.[ه] وفي حديث ابن مسعود <مَوْتُ المؤمن بِعَرَق الجَبِين فيُحارَفُ عند الموت بها، فتكون كفَّارة لذنوبه> أي يُقايَسُ بها. والمُحارَفَة: المُقايَسَة بالمِحْراف، وهو المِيلُ الذي تُخْتَبَر به الجِراحة، فوُضِع موضع المُجازاة والمُكافأة. والمعنى أنّ الشِّدّة التي تَعْرِض له حتى يَعرَق لها جَبينُه عند السِّياق تكون كفَّارة وجزاء لِمَا بَقِيَ عليه من الذُّنوب، أو هو من المُحَارَفة، وهو التشديد في المَعاش. (ه) ومنه الحديث <إنّ العبد ليُحارَف على عمله الخَيْر والشرّ> أي يُجازَى. يقال: لا تُحارِفْ أخاكَ بالسُّوء: أي لا تُجازِه. وأحْرَف الرجُلُ إذا جازَى على خير أو شرّ. قاله ابن الأعرابي. {حرق} (ه) فيه <ضالَّة المؤمن حَرَقُ النار> حرق النار بالتحريك: لهَبُها وقد يُسَكَّن: أي إنّ ضالّة المؤمن إذا أخذها إنسان لِيَتَمَلَّكها أدّتْه إلى النار. (ه) ومنه الحديث <الحَرَقُ والغَرق والشَّرَق شهادة>. ومنه الحديث الآخر <الحَرِق شهيد> بكسر الراء. وفي رواية <الحَريق> هو الذي يَقَع في حَرْق النار فيَلْتَهِب. (ه) وفي حديث المُظَاهر <احْتَرَقْتُ> أي هَلَكْت. والإِحْراق: الإهلاك، وهو من إحْراق النار. ومنه حديث المُجامِع في نهار رمضان أيضاً <احْتَرَقْتُ> شبَّها (في ا وتاج العروس: شبه) ما وَقَعا فيه من الجِماع في المُظاهَرة والصَّوم بالهلاك. (س) ومنه الحديث <أوُحِيَ إليَّ أن أحْرقْ قريشاً> أي أهْلكْهم. وحديث قتال أهل الردّة <فلم يزل يُحَرِّق أعضاءَهم حتى أدْخَلَهم من الباب الذي خَرجوا منه>. (ه) وفيه <أنه نهى عن حَرْق النَّواة> هو بَرْدُها بالمِبْرَدِ. يقال حَرقَه بالمِحْرَق. أي بَرَدَه به. ومنه القراءة <لَنُحَرّقَنَّه ثم لَنَنْسِفَنَّه في اليمّ نَسْفاً> ويجوز أن يكون أراد إحراقها بالنار، وإنما نُهِي عنه إكراماً للنخلة، ولأنّ النَوى قٌوتُ الدَّواجِن. (ه) وفيه <شَرِبَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الماء المُحْرَق من الخاصِرة> الماء المُحْرَق: هو المُغْلَى بالحَرَق وهو النار، يُريد أنه شَربَه من وَجَع الخاصِرة. وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه <خَيْر النِّساء الحارِقة> وفي رواية <كَذَبَتْكم الحارقة> هي المرأة الضَّيّقة الفَرْج. وقيل: هي التي تَغْلِبُها الشَّهْوة حتى تَحْرُق أنْيابَها بعضَها على بعض: أي تَحُكَّها. يقول عليكم بها (في الدر النثير: وقيل الحارقة: النكاح على جنب. حكاه ابن الجوزي ا ه، وانظر القاموس (حرق) ). ومنه حديثه الآخر <وجَدْتُها حارقةً طازقة فائقة>. ومنه الحديث <يَحْرُقون أنْيابَهم غَيْظا وحَنَقا> أي يَحُكُّون بعضَها على بعض. [ه] وفي حديث الفتح <دخَل مكة وعليه عِمامة سَوْداءُ حَرَقانِيَّة> هكذا يُروَى. وجاء تفسيرها في الحديث: أنها السّوْداء، ولا يُدْرَى ما أصله. وقال الزمخشري: الحَرَقانِيَّة هي التي على لَوْن ما أحْرَقْته النار، كأنها منسوبة - بزيادة الألف والنون - إلى الحَرَق بفتح الحاء والراء. وقال: يقال الحَرْق بالنار والحَرَق مَعاً. والحَرَق من الدَّق الذي يَعْرِض للثوب عند دَقّهِ مُحَرّك لا غير. ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه <أراد أنْ يَسْتَبْدِل بعُمّالِهِ لمَا رأى من إبْطائهم في تَنْفيذِ أمرِه فقال: أمَّا عَدِيّ بن أرْطاة فإنما غَرَّني بعِمامَتِه الحَرَقانِيَّة السَّوْداء>. {حرقف} * فيه <أنه عليه السلام ركِب فرسا فنَفَرت. فنَدَر منها على أرض غليظة، فإذا هو جالس، وعُرْض رُكْبَتَيْه، وحَرْقَفَتَيْه، ومَنْكِبيه، وعُرْض وجْهِه مُنْسَحٍ> الحَرْقَفَة: عَظْم رأس الوَرِك. يقال للمريض إذا طالت ضَجْعَتُه: دَبِرَتْ حَراقِفُه. (س) ومنه حديث سُويد <تَراني إذا دَبِرَتْ حَرْقَفَتِي ومالِي ضَجْعة إلاَّ على وجْهي، ما يَسُرُّني أني نَقَصْت منه قُلامة ظُفْرٍ>. {حرم} [ه] فيه <كلُّ مُسْلم عن مُسْلم مُحْرِم> يقال إنه لمُحْرِم عنك: أي يَحْرم أذاك عليه. ويقال: مُسْلم مُحْرِم، وهو الذي لم يُحِلَّ من نفْسه شيئاً يُوقِع به. يريد أنّ المسلم مُعْتَصِم بالإسلام ممتَنِع بحُرْمته ممن أراده أو أراد مالَه.[ه] ومنه حديث عمر <الصيام إحرام> لاجتِناب الصائم ما يَثْلِم صَومَهُ. ويقال للصائم مُحْرِم. ومنه قول الراعي: قتَلُوا ابنَ عَفَّانَ الخَلِيفة مُحْرِماً ** ودَعا فَلمْ أرَ مِثْلَه مَخْذُولا وقيل: أراد لم يُحِلّ من نَفْسه شيئا يُوقِع به. ويقال للحالف مُحْرِم لتَحَرُّمه به. ومنه قول الحسن <في الرجل يَحْرِم في الغضب> أي يَحْلف. (س) وفي حديث عمر <في الحَرام كفّارة يمين> هو أن يقول: حَرامُ اللّه لا أفعل كذا، كما يقول يمين اللّه، وهي لغة العقيليّين. ويحتمل أن يريد تَحْرِيم الزوجة والجارية من غير نِيَّة الطلاق. ومنه قوله تعالى <يا أيها النبيُّ لِمَ تُحرّم ما أحَلَّ اللّهُ لك> ثم قال <قد فرَض اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانكم>. ومنه حديث عائشة <آلَي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من نسائه وحَرَّم، فجَعل الحرَام حلالا> تَعْنِي ما كان قد حَرَّمَه على نفْسه من نسائه بلْإِيلاء عاد أحَلَّه وجعل في اليمين الكفارة. ومنه حديث علي <في الرجل يقول لامرأته أنت عليَّ حَرام>. وحديث ابن عباس <من حَرَّم امرأتَه فليس بشيء>. وحديثه الآخر <إذا حَرَّم الرجُل امرأته فهي يمين يُكّفِرُها>. (ه) وفي حديث عائشة <كنتُ أطَيِّبُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لِحِلّه وحُرْمه> الحُرْم - بضم الحاء وسكون الراء - الإحرام بالحج، وبالكسر: الرجُل المُحْرِم. يقال: أنت حِلٌّ، وأنت حِرْم. والإحرام: مصدر أحْرَم الرجل يُحْرِم إحراما إذا أهلَّ بالحج أو بالعمرة وباشَر أسْبابَهُما وشُروطَهما من خَلْع المَخِيط واجتِناب الأشياء التي مَنَعه الشرعُ منها كالطِّيب والنكاح والصَّيد وغير ذلك. والأصل فيه المنع. فكأنّ المُحْرم مُمتَنِع من هذه الأشياء. وأحْرم الرجُل إذا دخل الحرَم، وفي الشُّهُور الحُرُم وهي ذُو القَعْدة، وذو الحِجَّة، والمُحرّم، ورَجَب. وقد تكرر ذكرها في الحديث. ومنه حديث الصلاة <تَحْريمها التكبير> كأنّ المُصَلّيَ بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعا من الكلام والأفعال الخارجية عن كلام الصلاة وأفعالِها، فقيل للتكبير: تحريم؛ لمَنْعِه المُصَلّيَ من ذلك، ولهذا سُمّيتْ تكبيرةَ الإحرام: أي الإحرام بالصلاة. وفي حديث الحديبية <لا يسألوني خُطَّة يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ اللّه إلا أعطيتهم أيَّاها> الحُرُمات: جمع حُرْمة، كظُلْمة وظُلُمات، يريد حُرْمة الحَرم، وحُرْمة الإحرام، وحُرْمة الشهر الحرام. والحُرْمة: ما لا يَحِلُّ انْتِهاكُه.ومنه الحديث <لا تُسافر المرأة إلاّ مع ذِي مَحْرَم منها> وفي رواية <مع ذي حُرْمة منها> ذو الْمَحرم: من لا يَحِلّ له نكاحُها من الأقارب كالأبِ والإبن والأخ والعم ومن يَجْري مَجْراهُم. [ه] ومنه حديث بعضهم <إذا اجتمعَتْ حُرْمَتان طُرِحَت الصُّغْرَى للكُبْرى> أي إذا كان أمْرٌ فيه مَنْفعة لعامّة الناس، ومَضَرَّة على الخاصَّة قُدّمَتْ منفعة العامة. ومنه الحديث <أمَا عَلِمتَ أنّ الصُّورة مُحَرَّمة> أي مُحَرّمة الضَّرب، أو ذَات حُرْمة. والحديث الآخر <حَرَّمْتُ الظُّلْم على نفسي <أي تقَدَّسْت عنه وتَعَالَيْتُ، فهو في حقِّه كالشيء المُحرّم على الناس. والحديث الآخر <فهو حَرام بِحُرمة اللّه> أي بتَحْريمه. وقيل الحُرْمة الحقُّ: أي بالحق المانِع من تَحْلِيه. وحديث الرضاع <فَتحرّم بلَبنِها> أي صار عليها حَراماً. وفي حديث ابن عباس وذُكِر عنده قولُ عليٍّ في الجمْع بين الأمَتَين الأخْتَين <حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأحَلَّتهنّ آية> فقال: <تُحَرّمُهنّ عليَّ قرابتي منهنّ، ولا تُحرمهنّ عليّ قرابةُ بعِضهنّ من بعْض> أراد ابنُ عباس أن يُخْبر بالعلة التي وقع من أجْلِها تحريم الجمْع بين الأختين الحُرّتَين فقال: لم يَقع ذلك بقرَابة إحداهُما من الأخرى، إذ لو كان ذلك لم يَحِلَّ وطْء الثانية بَعْدَ وَطْء الأولى، كما يَجْري في الأم مع البنت، ولكِنَّه قد وَقع من أجْلِ قرابة الرجل منهما، فَحَرُمَ عليه أن يَجمَع الأخت إلى الأخت لأنها من أصْهاره، وكأنّ ابن عباس رضي اللّه عنهما قد أخرج الإمَاء من حُكم الحرَائر؛ لأنه لا قَرابة بين الرجُل وبين إمَائه. والفقهاءُ على خلاف ذلك، فإنهم لا يُجِيزون الجمع بين الأختين في الحرائر والإمَاء. فأمَّا الآية المُحرّمة فهي قوله تعالى <وأن تَجمَعوا بين الأختين إلاّ ما قد سلف> وأما الآية المُحِلة فقوله تعالى <أوْ ما ملكَتْ أيمانُكم>. (ه) وفي حديث عائشة <أنه أراد البَدَاوَةَ فأرسل إليّ ناقة مُحَرَّمة> المحرَّمة هي التي لم تُرْكب ولم تُذَلَّلْ. (ه) وفيه <الذين تُدْرِكُهُم الساعة تُبْعَث عليهم الحِرْمة> هي بالكسر الغُلْمَةُ وطلَب الْجِمَاع، وكأنها بغَير الآدَمِيِّ من الحيوان أخَصُّ. يقال اسْتَحْرَمَت الشَّاة إذا طلبَت الفحل. (س) وفي حديث آدم عليه السلام <أنه اسْتَحْرَم بعد مَوت ابْنه مائة سنة لم يَضْحَك> هو من قولهم أحْرم الرجلُ إذا دَخَل في حُرْمة لا تُهْتَك، وليس من اسْتحْرَام الشَّاة. (ه) وفيه <إنّ عياض بن حماد (في نسخة <ابن حمار> ومثله في اللسان. قاله مصحح الأصل) المُجاشِعِيّ كان حِرْميَّ رسولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، فكان إذا حَجَّ طاف في ثِيابه> كان أشْرَاف العرب الذين كانوا يَتَحَمَّسُون في دِينهم - أي يَتَشَدّدُون - إذا حَجَّ أحدُهم لم يأكلْ إلاَّ طعام رجُل من الحرم، ولم يَطُف إلاَّ في ثيابه، فكان لِكل شرِيف من أشْرَافهم رجل من قُريش، فيكون كلُّ واحدٍ منهما حِرْميَّ صاحِبه، كما يُقال كَرِيٌّ لِلمُكْرِي والمُكْتّرِي. والنَّسَب في الناس إلى الحرَم حِرْمِيٌّ بكسر الحاء وسكون الراء. يقال رجُل حِرْميٌّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثَوْبٌ حَرَميٌّ.(ه) وفيه <حَرِيم البئر أربعون ذرَاعا> هو الموضع المُحِيط بها الذي يُلقى فيه ترابُها: أي إن البئر التي يَحْفِرُها الرجُل في مَوَات فحريمُها ليس لأحد أن يَنْزل فيه ولا يُنَازِعه عليه. وسُمّي به لأنه يَحْرُم منعُ صاحِبه منه، أو لأنه يَحْرم على غيره التصرُّفُ فيه. {حرمد} * في شعر تُبَّع: فرَأى مَغَار الشَّمْسِ عِنْد غُروبها ** في عَين ذِي خُلْبٍ وثَأطٍ حَرْمَدِ الحَرْمَد: طين أسْود شديد السَّواد. {حرا} [ه] في حديث وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم <فما زال جسْمه يَحْرِي> أي يَنْقُص. يقال: حَرى الشَّيء يَحْري إذا نَقَص.(ه) ومنه حديث الصدّيق <فما جِسْمه يَحرِي بَعْدَ وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى لَحِقَ به>. ومنه حديث عمرو بن عَبْسَة <فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مُسْتَخْفِياً حِرَاءٌ عليه قومُه> أي غِضَاب ذَوَو غَمٍّ وهَمٍّ، قد انْتَقَصَهُم أمْرُه وعِيل صَبْرُهم به، حتى أثَّر في أجسامهم وانْتَقَصهم. (س) وفيه <إنَّ هذا لحَريٌّ إن خَطَبَ أن يُنْكَحَ> يقال: فلان حَرِيٌّ بكذا وحَرًى بكذا، وبالحَرَى أن يكون كذا: أي جَدير وخَليق. والمُثقَّل يثنَّى ويُجْمع، ويُؤنث، وتقول حَرِيّان وحريُّون (وأحْرِياءُ، وهُنّ حَرِيَّاتٌ وحَرايَا. الصحاح (حرا) ) وحَرِيَّة. والمُخَفَّف يَقع على الواحِد والاثنين والجَمع والمذَكَّر والمؤنَّث على حالَة واحِدَة؛ لأنه مصدر. (س) ومنه الحديث الآخر <إذا كان الرَّجُل يَدْعو في شَبِيبَتِه ثم أصابَه أمْرٌ بَعْد ما كَبِر فَبالْحَرَي أن يُسْتَجاب له>. وفيه <تَحَرَّوْا ليلة القَدْر في العَشْر الأواخر> أي تعَمّدُوا طَلبهَا فيها. والتَّحرِّي: القَصْد والاجتهاد في الطلب، والعَزْم على تَخْصِيص الشيء بالفعل والقول. ومنه الحديث <لا تَتَحَرَّوا بالصلاة طُلوعَ الشمس وغُروبها> وقد تكرر ذكرها في الحديث. (س) وفي حديث رجُل من جُهَينة <لم يكُن زَيْد بن خالد يُقَرّبُه بِحَراه سُخْطاً للّه عَزَّ وجَلَّ> الحَرا بالفتح والقصر: جَناب الرجُل. يقال: اذهب فلا أراك بحَرَاي. (س) وفيه <كان يَتَحثَّث بِحَراء> هو بالكسر والمدّ: جَبل من جبال مكة معروف. ومنْهم من يُؤنثُه ولا يَصْرِفه. قال الخَطّابي: وكثير من المُحَدّثين يغْلَطُون فيه فيفْتَحون حاءه. ويَقْصُرونه ويُمِيلُونه، ولا يجوز إمالتُه؛ لأنَّ الراء قبل الألف مَفْتوحَة، كما لا تَجُوز إمالة رَاشد ورَافِع.
|